المادة المضادة

ما هي المادة المضادة؟ هي ليست مجرد وقود وهمي يستخدم في رحلات فيلم الخيال العلمي ستار تريك، بل هي شيء يستخدمه العلماء حالياً، فإذا عدنا إلى عام 1995، أنشئ لأول مرة الهيدروجين المضاد بالرغم من عدم بقائه لمدة طويلاً. بشكل أبسط نستطيع القول إن المادة المضادة هي مادة عادية مع شحنة كهربائية معاكسة على سبيل المثال البروتين المضاد هو بروتين لكن مع شحنة سالبة.

لم يسبق أن لوحظ وجودها في الكون، ومع ذلك تم خلق مادة مضادة في مختبرات معجل الجسيمات. حتى أنهم تمكنوا من محاصرتها وتخزينها لعدة أسابيع. نأخذ على سبيل المثال ما يجري حالياً من إنتاج البوزيترونات -البوزيترون هو نوع من المادة المضادة- لإجراء بحوث ودراسات عديدة وذلك بفضل معجل الجسيمات CERN في أوروبا.

قد يكون تخزينها أمر صعب جداً، كما أن المادة والمادة المضادة يبيدان بعضهما ويتركان خلفهما جزيئات ذرية فرعية أخرى، مما يؤدي إلى انفجار يبعث طاقة عالية جداً من أشعة غاما، منتشرة بسرعة تساوي سرعة الضوء. من المهم إذاً إبعادها عن المادة العادية. في حالة الهيدروجين استغل العلماء خصائص مغناطيسية الهيدروجين المضاد لحصرها لمدة كافية لدراستها.

توقع بوجودها أول مرة الفيزيائي الإنكليزي بول ديراك في عام 1928، واكتشف الفيزيائي الأمريكي كارل أندرسون البوزيترونات عام 1932. تلقى ديراك جائزة نوبل في الفيزياء عام 1933، وأندرسون في عام 1936، وفي عام 1955 اكتشف سيجري تشامبرلين البروتين المضاد لأول مرة.

ماذا تعرف عنها حتى الآن؟ .. دعنا نعرف المزيد

تأثير الجاذبية عليها

المادة المضادة ليست مضادة للجاذبية، بل تستجيب للجاذبية مثلها مثل استجابة المادة، ولوحظ أيضاً أن جزيئات المادة المضادة والمادة لهما نفس الكتلة لكنهما مختلفان من حيث الخصائص. وحسب النموذج المعياري يتوقع العلماء أن يكون للجاذبية نفس التأثير على المادة المضادة والمادة على حد سواء، ولا يوجد سبب حقيقي آخر للاعتقاد غير ذلك.

تكلفة إنشائها

إن إنشاء المادة المضادة مكلف للغاية، حيث أن خلق ميليغرام واحد منها يكلف مئة مليون دولار. وقد تكهن المهندسون أن صنع مركبة فضائية تعمل بالطاقة المضادة قد تكون وسيلة فعالة جداً، وذلك عندما تتفاعل جزيئات المادة المضادة مع جسيمات المادة فإنها تفني بعضها وتنتج طاقة هائلة، لكن كما أشرنا أن إنشاءها مكلف جداً، ولا يتم إنتاج سوى كميات صغيرة جداً بهدف إجراء البحوث. ومن المعلوم أن 1 غرام منها قد يتسبب بانفجار بحجم قنبلة نووية.

جسيم من المادة والمادة المضادة في نفس الوقت

توصل العلماء إلى بعض الدلائل لوجود جزئيات فيها مادة ومادة مضادة في نفس الوقت تدعى فرميون الماجورانا. لكنهم لا يملكون أي دليل مباشر على وجود تلك الجزيئات، ويتوقع ظهور تلك الجزيئات في مواد تدعى موصلات طبوغرافية.

يظن الفيزيائيون أن كل جسيم من المادة يملك نظيراً من المادة المضادة بكتلة مساوية ولكن بشحنة معاكسة. وعندما تقابل كل من المادة مع المادة المضادة، يفنيان بعضهما البعض. ولكن حسب توقع الفيزيائي الإيطالي إيتوري مايورنا Ettore Majorana عام 1937 بعض الجسيمات يمكن أن تكون شريكة المادة المضادة.

يوجد جسيم زائد من المادة لكل بليون زوج من المادة المضادة والمادة

بعد الانفجار الكبير وبرودة الكون وتوسعه تم إنتاج كل من جزيئات المادة والمادة المضادة. نظرياً كان يجب على الانفجار الكبير أن ينشئ المادة المضادة والمادة بكميات متساوية، وإن حدث هذا الشيء فإن كل شيء قد يتدمر بسبب اصطدام المادة والمادة المضادة، ولا يعرف أحد لماذا هيمنت المادة على المادة المضادة، وبقدر المعلومات التي يعرفها العلماء يجب أن يكون جسيم واحد من المادة زائد لكل بليون زوج من المادة المضادة والمادة لعدم حدوث هذا وتشكل النجوم والمجرات. لكن علماء الفيزياء لا يزالون يسعون لفهم سبب عدم تدمير الكون نفسه بسبب اصطدام المادة والمادة المضادة، ولماذا هذا اللاتناظر الموجود بينهم.

الموز وجسم الإنسان ينتج المادة المضادة

إن الموز ينتج جسيماً من المادة المضادة كل 75 دقيقة، وهذا الجسيم هو البوزيترون، ولكنه يتلاشى فوراً مع الإلكترونات المحيطة.

قد تكون أنت الآن أيضاً تنتج البوزيترون. حيث اتضح أن الإنسان ينتج كميات قليلة من المادة المضادة لكنها لا تستدعي القلق، بسبب عدم بقائها لمدة كافية لتصطدم بالمادة وتصبح خطيرة. وإذا جمعنا جميع المادة المضادة التي صنعت من قبل جميع البشر وتلاشت حالاً ستنتج طاقة لا تكون كافية لغلي كأس من الشاي.

أكبر انفجار سببته في الكون

في عام 2009 سببت المادة المضادة أكبر انفجار مسجل في الكون المعروف. نجم عملاق جداً يقدر حجمه بمئتي مرة أكبر من الشمس مُحي تماماً من الطاقة العالية لأشعة غاما الناتجة من اصطدام المادة المضادة مما أدى إلى ظهور سحابة من المواد المشعة أكبر بخمسين مرة من حجم الشمس.

القوة الضعيفة لا تعامل المادة مثل المادة المضادة

في عام 1964 وجد الفيزيائيون أن القوة الضعيفة ليست متماثلة في تعاملاتها مع المادة والمادة المضادة. مما يؤدي إلى ما يعرف باسم انتهاك سي بي، وبسبب ذلك أشار علماء فيزياء الجسيمات إلى أن قوانين الفيزياء غير متوازنة.

القوة الضعيفة أو القوة النووية الضعيفة هي أحد القوى الأساسية الأربعة الموجودة في الطبيعة، تلاحظ بشكل أساسي في تحليل بيتا، وهي مسؤولة عن الاضمحلال الإشعاعي والاندماج النووي للجسيمات دون الذرية.

 

كون المادة المضادة

نظرياً يوجد كون مصنوع من المادة المضادة، وهو كون موازٍ للكون المادي حيث تكون أكوان مادة مضادة سلبية على عكس أكوان المادة الموجبة المعروفة لدينا. كثير من أفلام الخيال العلمي والكتب والقصص المصورة تتعامل مع هذه النظرية، على سبيل المثال الشخصيات الخارقة مثل سوبرمان وفلاش واكوامان وغيرهم أتوا من أكوان المادة المضادة.

تم عمل هذا الموقع بواسطة